تقديم حول التعليم الأولي: تعريفه و أهدافه و الطرق البيداغوجية
تقديم حول التعليم الأولي: تعريفه و أهدافه و الطرق البيداغوجية
- 1 - تعريف التعليم الأولي حسب بعض المراجع:
- أ- تعريف التعليم الأولي تبعا القانون رقم 00-05 (النظام الاساسي للتعليم الأولي):
التعليم الأولي هو المرحلة التربوية التي توفرها المؤسسات التي تستقبل الاطفال ما بين سن الرابعة والسادسة. و قد حدد هذا القانون أهداف تلك المؤسسات في تعليم القيم الدينية والقيم الوطنية والانسانية، وتطوير القدرات الحسية الحركية، والتموقع في الزمان والمكان، وتطوير الخيال والتعبير، وممارسة ألانشطة البدنية والفنية، والاستعداد لتعلم القراءة و الكتابة.
- ب - مفهوم التعليم الأولي تبعا الإطار المنهاجي للتعليم الاولي:
التعليم الأولي هو طور تعليمي لتفتح شخصية الطفل وتطوير مهاراته و إعداده لمرحلة التعليم الابتدائي. و يستقبل الاطفال من الفئة العمرية 6-4 سنوات المستوى الاول: 5-4 سنوات. و المستوى الثاني: 6-5 سنوات.
ليس التعليم الأولي فترة حراسة للطفل، و لا مرحلة تعليم كلاسيكي كما هو الحال بالنسبة لباقي الأسلاك الأخرى، إنه سلك من أسلاك التربية و إكتساب الخبرات مختلف تماما من حيث الطبيعة و الأهداف و الأغراض. و يحرص المربون و المربيات في هذه المرحلة العمرية (مرحلة الطفولة المبكرة او ما قبل المدرسة) على إعتماد اللعب كقاعدة أو طريقة عمل أساسية في التنشيط. فكل نشاط تربوي، مهما كان مجاله التعلمي، ينبغي ان ينجز باللعب.
- ت - تعريف عام للتعليم الأولي:
يقصد بالتعليم الأولي المرحلة التربوية التي تتكفل بها المؤسسات التي يقبل فيها الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين أربع سنوات كاملة و ست سنوات (أي التعليم ما قبل المدرسي الذي يستقبل الأطفال الصغار في ما يسمى بمرحلة الطفولة المبكرة). و جاء التعليم الاولي في الجزء الثاني من الكتاب الابيض الخاص بالمناهج التربوية لسلكي التعليم الابتدائي بإعتباره جزءًا من "السلك الأساسي" (السنة الأولى و الثانية من السلك الأساسي الذي تم تحديده في 4 سنوات).
- ث - تعريف التعليم الأولي حسب الميثاق الوطني للتربية والتكوين (2000):
يلتحق بالتعليم الأولي، حسب المادة 63 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الأطفال الذين يتراوح عمرهم بين أربع سنوات كاملة وست سنوات. وتهدف هذه الدراسة خلال عامين إلى تيسير التفتح البدني والعقلي والوجداني للطفل، وتحقيق استقلاليته وتنشئته الاجتماعية.
- ج - مفهوم التعليم الاولي او ما قبل الابتدائي حسب موقع تابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة او اليونيسكو (مترجم):
برامج في المرحلة الأولية من التعليم المنظم او النظامي (ما قبل الابتدائي)، تم تصميمها أساسًا لتعريف او تقديم الأطفال الصغار جدًا ، الذين لا تقل أعمارهم عن 3 سنوات، للبيئة المدرسية و توفير جسر بين المنزل و المدرسة. و تسمى هذه البرامج ايضا بتعليم الأطفال الصغار، أو تعليم الحضانة، أو التعليم قبل المدرسي، أو رياض الأطفال أو تعليم الطفولة المبكرة. عند الانتهاء من هذه البرامج، يواصل الأطفال تعليمهم في التعليم الابتدائي.
- 2 - أهداف التعليم الأولي بالمغرب؟
يهدف التعليم الأولي حسب ما ورد في موقع وزارة التربية الوطنية المغربية إلى ضمان أقصى حد من تكافؤ الفرص لجميع الأطفال المغاربة قصد ولوج التعليم المدرسي و تيسير نموهم البدني و العقلي و الوجداني و تحقيق استقلاليتهم و تنشئتهم الاجتماعية و ذلك من خلال:
- تعليم ما تيسر من القرآن الكريم بالنسبة للأطفال المغاربة المسلمين؛
- تعلم مبادئ العقيدة الإسلامية و قيمها الأخلاقية؛
- تعلم القيم الوطنية و الإنسانية الأساسية؛
- تنمية مهاراتهم الحسية الحركية و المكانية الزمانية و الرمزية و التخيلية و التعبيرية؛
- التمرن على الأنشطة العملية و الفنية؛
- التحضير لتعلم القـراءة و الكتابة باللغة العربية من خلال ضبط التعبير الشفوي، مع الاستئناس بالأمازيغية أو أي لهجة محلية أخرى و ذلك لتيسير الشروع في القراءة والكتابة ....
- 3 - الطرق البيداغوجية أو البيداغوجيات المعتمدة في التعليم الاولى بالمغرب
-1- بيداغوجيا الادماج:
حسب التعريف الوارد في موقع وزارة التربية الوطنية بالمغرب فبيداغوجيا الإدماج تُعد إطارا منهجيا لأجرأة المقاربة بالكفايات، أي أنها تُقيم ترابطا، من جهة بين التوجهات والاختيارات التي يتبناها نظام تربوي معين، والتي تُترجم إلى خطوات تعليمية أو تعلمية أو تقويمية مناسبة، ومن جهة ثانية بين الممارسات البيداغوجية التي توضحها تلك الخطوات. إنها مقاربة منهاجية تستحضر المشروع المجتمعي لكل بلد، وتأخذ بعين الاعتبار قيمه المجتمعية، وتُشجع على تبني اختيارات بيداغوجية مناسبة، تعمل على تقديم صيغ تنظيمية للتعلمات والتقويم داخل نظام تربوي، للوصول إلى ملمح التلميذ المنشود. وهي بهذا لا تتدخل في غايات والمحتويات العامة للنظام التربوي، لكون ذلك أشد ارتباطا بالسياسة التربوية لبلد معين. إن دورها شبيه بصنيع المهندس، الذي يصمم مشروع بناء ملبيا اختيارات الزبون، بينما دور المقاول هو إنزال التصميم إلى أرض الواقع.
-2- بيداغوجيا اللعب:
حسب التعريف الوارد في الدليل البيداغوجي للتعليم الاولي بالمغرب، تعتبر بيداغوجيا اللعب (Pedagogy of Play) إحدى البيداغوجيات الحديثة التي ترتكز على اتخاذ اللعب منطلقا لبناء عملية التعليم والتعلم، و هي شكل من أشكال التدريس القريبة من الطبيعة الفطرية لأطفال، والتي تتميز بالميول الى اللعب والحركية بشكل كبير. فالطفل (ة) في لعبه يعيش طفولته من خلال هذا اللعب ويتماهى مع أدواته وعناصره، ويستجيب لرموزه ومعانيه، أي أنه يشكل بالنسبة للطفل(ة) حقيقة يعيشها بواقعه وخياله. وللعب تأثير بالغ في النمو العقلي، وفي تشكيل شخصية الطفل(ة)، ولذلك فإن تنمية شخصيته في مختلف جوانبها ينبغي أن تقوم لا على استبعاد اللعب من حياته، وإنما على حسن تنظيمه بحيث يؤدي إلى تكوين الخصائص البنائية للطفل(ة) في نموه. و في هذا الصدد يقول سيجموند فرويد: «الامر المفضل والذي يحظى بالاهتمام أكثر لدى الطفل هو اللعب، وعليه، فسيكون من الظلم القول إنه لا يأخذ هذا العامل على محمل الجد».
-3- طريقة المشروع الموضوعاتي:
طريقة المشروع الموضوعاتي، و تسمى بالفرنسية Projet thématique و Méthode thématique و بالإنجليزية Thematic Project و Thematic Method و أيضا Theme-based Learning، هي طريقة تربوية نشيطة للتعليم بالموضوعات تهدف في آن واحد و بشكل تكاملي و بالتدريج، عبر و ضمن الأنشطة التربوية المبرمجة، الى تحقيق الفهم العميق للمواضيع المرتبطة بواقع و إهتمامات المتعلمين و إعطاء معنى للمهارات المكتسبة، تعزيزا للقدرة على فهمها و تذكرها و توظيفها و تحفيزا للمشاركة النشيطة، و ذلك عبر ربط التعلمات، المرتبطة بالمجالات التعلمية المختلفة، بموضوع فرعي مركزي موحد ينتمي لوحدة موضوعاتية ذات موضوع محوري عام (المشروع الموضوعاتي) ضمن إطار زمني و وفق تدرج زمني محدد.
و يتم العمل بطريقة المشروع الموضوعاتي، في التعليم الأولي، من خلال إختيار موضوع تربوي أو مجموعة محددة و متجانسة من المواضيع التربوية المنتقاة من المجالات الحياتية للأطفال، القريبة من إهتماماتهم المشتركة و المناسبة لخصائصهم النمائية، بحيث تشكل معا مشروعا موضوعاتيا متكاملا و مدخلا لتناول التعلمات المتنوعة و تحقيق الكفايات المستهدفة. و بعبارة أخرى، تهتم طريقة المشروع الموضوعاتي بكيفية إنتقاء و برمجة المربي(ة) للمواضيع التربوية (المرتبطة بإهتمامات الطفل و مجالاته الحياتية)، حيث يتم على التوالي تحديد موضوع مركزي لإدماجه عبر مختلف أنشطة التعلم ضمن فترة زمنية محددة قبل الإنتقال الى موضوع جديد وفق تدرج زمني مناسب نمائيا يتم برمجته لها. و هي طريقة تسهل على المربي(ة) التخطيط المسبق لما سيشتغل به مع الاطفال على المدى الطويل بشكل أكثر تنظيما.
و يمكن تعريفها أيضا بأنها طريقة تعتمد تقديم مشروع موضوعاتي مركزي لأطفال التعليم الأولي في صيغة وضعيات تعلمية قد تكون مرتبطة بوحدات دراسية أو مجالات تعلمية محددة و قد تكون مستقلة و في إطار زمني محدد قد يمتد لعدة أسابيع.
و المشروع الموضوعاتي، حسب التعريف الوارد في الإطار المنهاجي للتعليم الأولي بالمغرب، هو محور من محاور عيش الطفل (ة) تم اتخاذه كمدخل لتناول أنشطة تربوية تحقق الربط بين وحدة الشخصية و وحدة الفعل التعلمي من جهة، و التناغم و الانسجام بين الأنشطة والتعلمات المستهدفة من جهة ثانية. و كل مشروع من المشاريع الموضوعاتية يتيح فرصة انفتاح الطفل(ة) على جوانب فرعية مرتبطة به و يُعالج من زوايا المجالات التعلمية كلها.
و ترتبط المجالات التعلمية المحددة و كل مشروع موضوعاتي على حدا من خلال مصفوفات الأنشطة من أجل تحقيق الأهداف التعلمية و الكفايات المحددة عبر وضع خطة بيداغوجية تمتد على مدا عدة أسابيع متتالية قبل الإنتقال لمشروع آخر من المشاريع الموضوعاتية التي تم إختيارها و التخطيط لها.
و يمكن للمشروع الموضوعاتي، الذي هو جملة من المواضيع التربوية المتجانسة، أن ينتظم على شكل مواضيع أو مكونات فرعية و مواضيع أو مكونات جزئية، بحيث يتم الإشتغال مع الأطفال كل أسبوع مثلا على مكون جزئي محدد.
و يتم الإشتغال مع الأطفال غالبا، في إطار هاته المشاريع الموضوعاتية، ضمن مجموعات (مجموعة القسم، مجموعة صغيرة) و بالموازاة مع الطرق البيداغوجية المناسبة الأخرى كبيداغوجيا الفارقية و بيداغوجيا المشروع و بيداغوجيا الخطأ و غيرها.
و يمكن تلمس هذا المفهوم من خلال النظر الى الأركان التربوية في فضاء الفصل و التي هي عبارة عن أماكن يجسد كل منها موضوعا من مواضيع الحياة اليومية الموافقة للمواضيع الفرعية أو الجزئية و التي تنتمي للمشروع الموضوعاتي المدروس.
و حسب الإطار المنهاجي للتعليم الأولي فالهندسة البيداغوجية للتعليم الأولي تتأسس على منطق المشاريع التربوية الرَّامية الى جعل النمو و التعلم في خدمة الطٍّفل. و يضيف أنه "ليس هناك تنظيم للفصل إلاَّ بمنطق هندسة المشروع الموضوعاتي و الكفايات المراد بنائها و تطويرها على مستوى تفعيل سيرورة النمو و التعلم".
و يعتبر المشروع الموضوعاتي (Projet Thématique)، حسب الدليل البيداغوجي للتعليم الأولي بالمغرب، المدخل الأنسب لتنمية الكفايات التربوية في ارتباطها بالمجالات التعلمية المحددة.
و يجب مراعات عدة إعتبارات في إختيار و تنفيذ الموضوعات و الأنشطة التي تؤلف في ما بينها المشروع الموضوعاتي و منها:
- الإنطلاق في إختيار المواضيع التربوية من الطفل مرورا ببيته و مدرسته وصولا الى محيطه الخارجي؛
- يجب أن تكون الأنشطة المعتمدة في كل مشروع موضوعاتي مبنية على حاجات الطفل (النمو، التعلم)؛
- مراعاة الربط بين البعد التربوي و البعد القيمي و البعد التنشئوي و العمل بطريقة المشروع؛
و يمكن الرجوع للاطار المنهاجي للتعليم الأولي بالمغرب و الدليل البيداغوجي للإضطلاع على أمثلة من الموضوعات التربوية و المشاريع الموضوعاتية المقترحة التي يمكن للمربين الإشتغال بها مع الأطفال.
- 4 - بيداغوجيا الفارقية في التعليم الأولي:
بيداغوجيا الفارقية هي نهج تعليمي يركز على فهم الفروق الفردية بين المتعلمين و تلبية احتياجاتهم و قدراتهم المختلفة في عملية التعلم. تهدف بيداغوجيا الفارقية في هذه المرحلة التعليمية المبكرة إلى تعزيز اكتساب التعلمات و التفوق لدى جميع الأطفال على إختلافهم، بما في ذلك الأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة أو الأطفال الذين يواجهون صعوبات في التعلم.
يشمل نهج بيداغوجيا الفارقية تخصيص الدعم و الموارد بناءً على احتياجات الأطفال الفردية، سواء كان ذلك من خلال تقديم مهام تعليمية تناسب مستوى الطفل أو تقديم دعم إضافي للأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة إضافية.
الهدف الرئيسي لبيداغوجيا الفارقية في التعليم ما قبل المدرسي هو تحقيق تعلم مستدام لجميع الأطفال بغض النظر عن قدراتهم أو صعوباتهم، و تعزيز مستوى الثقة بالنفس و المشاركة النشطة في العملية التعليمية.
